ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 29

ماذا لو تعرض طفلي لموقف أخافه جداً؟

ذات يوم كانت الأسرة تستعد للخروج من المنزل للعمل، الابن كان مازال يرفض الخروج ويريد اللعب، الأم اختارت أن تخرج الحقائب و تعود لتتعامل مع موقف ابنها، لكنها لم تخبر ابنها..استغرق الموقف دقيقتين، لكنها عادت لتجد الطفل غارقاً في دموعه و أطرافه ترتجف..

لقد تعرض الطفل لصدمة طفولة..

الحروب كذلك تخلق الكثير من الصدمات لدى الأطفال .

ما الطريقة الأمثل للتعامل مع الموقف؟

البعض يفضل ترك الحديث عن الموضوع وتغييره حتى ينساه الطفل..لكن المفاجأة أن أثر الصدمة لن يمحى أبداً حتى مماته، حتى لو نسي الموقف، لن ينسى الأثر

الحل هو أن نعيد سرد الموقف أمام الطفل بالطريقة التي رآها الطفل

” أمك تركتك في المنزل وحيداً و خرجت، ماذا شعرت في هذه اللحظة؟”

” الأصوات كانت عالية جداً و هزت المنزل، كيف شعرت حين سمعت هذه الأصوات؟”

أن نتحدث مرة، و مرتين، و عشرة

ثم نعيد سرد النهاية بطريقة أفضل وأكثر طمأنة

” لكن أمك عادت، واحتضنتك”

” لكن الأصوات ذهبت ونحن بخير”

وأن نخبر الطفل بأنه بإمكانه أن يتحدث معنا عن الموقف متى أراد..

حتى نشعر نحن أنه هدأ..وأن سرده للقصة أخذ منحى إيجابياً أكثر

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 28

تخيل أنك فجأة سمعت في المنزل صوت صراخ طفلك من الغرفة الأخرى، هرعت إلى المكان، وجدت أن طفلك يبكي لأن القلعة التي بناها بلعبة الليغو قد دمرت

كيف ستكون ردة فعلك؟

مع الأخذ بالاعتبار أن هذا بالنسبة له، يشبه ما ستشعر به إذا خسرت نقودك في إحدى الصفقات مثلاً..

كما أن الأطفال يختلفون في تأقلمهم وتقبلهم لهذه الإحباطات..لذلك إذا كان طفلك الأول ردة فعله أهدأ من طفلك الثاني، هذا يعني أنهم مختلفون، لا يعني أن أحدهما طبيعي والآخر لا

إذن كيف ستكون ردة فعلك؟

1- هذا سبب سخيف لا يستلزم البكاء ؟

أنت بهذه الطريقة تستخف بمشاعره الكبيرة، وستصله فكرة أن مشاعره غير مهمة

2- أن تطلب منه أن يهدأ..

هناك مقولة معروفة أنه لا يوجد أحد منذ بداية البشرية هدأ لمجرد أن طلبت منه ذلك..

3- أن تصرخ فيه..

في المرة القادمة لن يلجأ إليك، وحين يصبح مراهقاً ويقع في مشكلة لن يخبرك بذلك..لأنك تقبله وهو هادئ ولا تقبله حين يقع في مشكلة

4- الطريقة المثلى:

استخدام طريقة C.A.L.M

C – CONNECT: أووه هذا محبط جداً أن الليغو قد تدمر، هذا سيء فعلاً..

A – AFFECT: نفس تعابير وجه الطفل

L – LISTEN:وضح له أنك استمعت إليه جيداً، الآن وسابقاً..

“لقد أخبرتني أن الليغو أيضاً وقع في آخر مرة لعبت فيها”

M – MIRRORING أعطه الفرصة ليعبر

بهذه الطريقة يعرف الطفل أن مشاعره مقدرة، وأنك تهتم بما يتحدث..وأنه مهم

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 27

كيف تصنع مدمناً؟



هناك الإدمان المتعارف عليه، إدمان المواد والأدوية القابلة للإدمان “مواد كيميائية”
وإدمان آخر، يسمى بالإدمان السلوكي، مثل إدمان الأجهزة الإلكترونية، الفيسبوك، الألعاب الإلكترونية gaming, التسوق..وأي ممارسة تخرج عن حدها لدرجة أن تؤثر سلباً على حياة القرد و علاقاته..




كيف يحدث الإدمان السلوكي؟

في تجربة أجريت على عدد من الفئران Rat Park experement، وضعت الفئران منفردة في أقفاص منفصلة، و وضع مع كل منها حوضين من المياه، في أحدها توجد مياه عادية، و في الأخرى مياه بمواد مخدرة .
بعد فترة، أدمنت الفئران على المواد المخدرة..بعضها نفق وبعضها بقي على قيد الحياة .

ثم وضعت الفئران في قفص كبير فيه ذكور وإناث سمي بحديقة الفئران، و وضع الماء العادي والماء المخدر..

النتيجة كانت أن الفئران توقفت عن الإدمان

فوضع الباحثون الاستنتاج التالي: عكس الإدمان التواصل

حين عاد الجنود الأمريكيون من فييتنام كان بعضهم قد أدمن على المواد المخدرة، وحين عادوا إلى عائلاتهم، أكثر من 80% ترك الإدمان طوعاً دون تدخل طبي..

لماذا يحدث الإدمان؟

العلاقات البشرية والتواصل تؤدي إلى إفراز الهرمونات التي يحتاجها الإنسان ليشعر بالرضا والسعادة والثقة، على رأسها الاكسيتوسن والدوبامين..إذا لم تتغذ هذه الحاجة من علاقة الطفل بوالديه والبالغ بأسرته، بحث عما يسد رمقه بطريقة أخرى: علاقات سامة، فيسبوك، كمبيوتر، أجهزة إلكترونية،ألعاب إلكترونية..

المشكلة أن هذه الممارسات تؤدي إلى إفراز الدوبامين بشكل إدماني يصعب بعدها التخلي عنها بسهولة، إلا بالكثير من التواصل..

مجرد تمرير الإصبع إلى أعلى وأسفل صفحة الفيسبوك يفرز الدوبامين..لذلك نستمر في ذلك بلا توقفب

بل هناك ميل إلى تصنيف إدمان الفيسبوك والألعاب ضمن الأمراض التفسية

..

تذكر أن علاقتك بطفلك تؤسس ليس فقط في سلوكه كطفل، بل في علاقاته كبالغ بزوجه وأبنائه وشركائه في العمل..

ما الذي يمنعك من حماية طفلك من الإدمان؟

ربما لا نملك السيطرة على ما يتعرض له الطفل من مغريات، لكننا نستطيع أن نبني لدى الطفل الجهاز المناعي لمواجهة هذه التحديات، بالكثير من التواصل

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 26

لماذا لا يولد الأطفال بأدمغة مكتملة النمو قادرين على أداء كل احتياجاتهم وفهم العالم؟
لماذا لا يولدون بأسنان مكتملة البروز دون الحاجة للمرور بكل تلك المراحل المؤلمة؟
لماذا لا يولدون كبالغ في ال25 من عمره؟

لأنهم جزء من الأمانة التي حمّلها الله للإنسان وسيسأله عليها يوم القيامة..بل هي أعظم أمانة..
سيسألك الله عنها كما سيسألك الله عن كل تملك

ولأنك حين تربي و ترعى تلك الكتابة الصغيرة من اللحم والعظم خطوة وخطوة و مرحلة مرحلة..حين يصنع على عينك..تصبح أنت و هو أكثر ارتباطاً..بل أعظم ارتباط

أعظم أمانة و أقوى رابطة..هي رابطة الأبوة والأمومة..

لكل الأمهات التي تخلت عن الكثير من أحلامها لأجل طفلها..إنما هي أحلام مؤجلة لأجل تلك المهمة الأعظم

صناعة الإنسان

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 25

تخيل أنك في طائرة، و فجأة شعرت بالطائرة تهتز بعنف، ثم خرج إليكم قائد الطائرة مطمئناً أن الأمور تحت السيطرة..

كيف ستشعر؟

ستطمئن أن الأمور تحت السيطرة وأنت في أيدٍ أمينة

تخيل أن هذا القائد خرج إليكم تبدو عليه علامات الخوف والفزع، و كان يصرخ: لا أدري ماذا أفعل، هذه الطائرة تخرجني عن السيطرة

كيف ستشعر؟

ستفزع أيضاً، و ربما تبدأ بالصراخ والبكاء

هكذا يرانا أطفالنا

بالنسبة إليهم في هذا العالم المخيف كثير الاهتزاز، نحن القادة..

حين يريد طفلك أن يلعب في موعد النوم – مثلاً – ويرفض النوم ويبدأ في الصراخ، بالنسبة إليه ردة الفعل هذه خارجة عن السيطرة، لا يستطيع أن يعبر عن رفضه بطريقة أفضل، ولا يملك القشرة الدماغية الكاملة النمو التي تسمح له بتفهم الأموى وتقبلها..

لكنه ينظر إليك..ليرى ردة فعلك، أنت القائد، وأنت هنا لتساعده بمعرفة حدود المسموح من المفروض..

إذا بدأت نفسك بالصراخ والتردد في وضع الحد ” أن هذا وقت النوم”, سيعرف الطفل أن قائده غير واثق من التصرف الصحيح والمفروض، سيقلق، وسيعبر عن ذلك بالمزيد من الصراخ

الحل؟

تماسك..وتمسك بالحد الذي تريد وضعه..لكن بتماسك و هدوء

لأنك القائد الذي ينتظر منك الركاب أن تهدئ من روعهم

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 24

لماذا يتحرك الأطفال كثيراً؟

لماذا يرفض طفلي أن يجلس هادئاً؟

لماذا لا يتوقف عن وقف الأسئلة؟

يولد الأطفال بأدمغة كالصفحة البيضاء، إلى عالم مليء جداً بكل شيء، والكثير من الشغف والرغبة في المعرفة..

أي محاولة لإيقاف حركتهم أو أسئلتهم ستعوق تقدمهم وتطورهم

إن أدمغتهم تتغذى على التجارب الجديدة..

كلما كانت أكثر كلما نمت أدمغتهم بشكل أكبر..

هذه الكائنات الشغوفة التي تتوق لكل جديد، ما أجمل أن تعيش هذه التجارب معهم كأنها أول مرة

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 23

هل لاحظت أن طفلك عندما يبدأ في الرفض والصراخ، لا يستمع إليك أبداً ولا يلقي بالاً لتعليماتك؟ هل وصفته بالعنيد الذي لا يحترم أوامرك؟

هذا متوقع جداً وطبيعي جداً

د.دانيال سيغيل Dan Seigel وضع نموذجاً مبسطاً لشرح ما يحدث..

يقصم د.دان الدماغ إلى علوي وسفلي

السفلي هو الذي ينشأ في البداية، يتكون من جذع الدماغ المسئول عن ردات الفعل البدائية، والجهاز الحافي limbic system وهو بشكل مبسط..مسئول عن الانفعالات والمشاعر

الجزء العلوي الأكثر وعياً وحكمة..هو القشرة الدماغية

عندما يغضب الطفل – والبالغ أيضاً- ينكشف الغطاء وهو القشرة الدماغية، تاركة زمام الأمور للجزء السفلي الذي لا يفهم في الحكم والدروس وتبعات الأمور..مثل انكشاف غطاء القدر عن محتويات القدر في حالة الغليان

أعط دروسك ونص أوامرك حتى نهاية اليوم ..دماغ الطفل في حالة الغضب لا يستقبل الدورس والأوامر

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 22

لا تبدو بخير؟
الخطوة الأولى حين يرغب أحد المقربين أن يمد لك يد العون هي أن يسألك: ما بك؟
فتصف بدقة ما يجعلك لا تبدو بخير..
بدون ذلك لن يستطيع أحد مساعدتك

هذا باختصار ما ترنو إليه طريقة Name it to tame it أو سمّها لتروضها – من أعمال د.دانيال سيغيل – أعط شعورك اسماّ حتى يسهل عليك الحل..

ماذا عن الأطفال؟

أنت كبالغ عليك أن تقود زمام الأمور حتى تعلم طفلك كيف يسمي مشاعره How to name it

إذا كان طفلك لا يريد ترك الحديقة مثلا والذهاب إلى المنزل، و ربما بدأ بالبكاء والصراخ، تخبره أنت: “أنا أعرف، تبدو محبطاً لأنك لا تريد ترك الحديقة والعودة إلى المنزل”

بالتأكيد الأمر ليس بهذه السهولة – أنا أكثر من يعرف ذلك- لا بأس..أنت تضع قدم طفلك على الخطوة الأولى التي تساعده أن يفهم مشاعره..ومع الوقت يستطيع اختصار وقت البكاء واستبداله بالكلمات التي قضينا وقتاً ليس بقليل تعلمه إياها..ويصبح أكثر قدرة على السيطرة على مشاعر .لانه يستطيع تسميتها..

كذلك..أنت بذلك تخبره بطريقة غير مباشرة أنه: لا بأس..أنا أتقبل مشاعرك، أنا وأنت سنتمكن من السيطرة عليها..

أنا معك دائماً

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 21

هل شعرت قبل ذلك أن ما يجري حولك هو كثير جداً ولا تستطيع أن تتأقلم مع التغييرات الكثيرة التي تجري حولك، وأنك بحاجة للصراخ حتى تشعر بالقليل من الراحة؟

يحدث ذلك كثيراً لدى الأطفال..

التغييرات الكثيرة التي تحدث حولهم، الكثير من الناس،الكثير من الأنشطة المدرسية وبعد المدرسية..

بالنسبة إليهم ما نراه نحن معتاداً يرونه هم كثيراً جداً لعدم قدرتهم على تنظيم مشاعرهم والتحكم فيها..فيحدث أحياناً ما يسمّى ب ” انسكاب المشاعر” أو “انفجار المشاعر” emotional spillage or outburst

عليك حينها أن تتفهم أن ما يجري بالنسبة لهم هو كثير جداً..وليس بالسهولة أن يبتلع الطفل كل ما يجري حوله

لقد احتجت أنت الكثير من السنوات لتتماسك

أعط أطفالك فرصة

ما لم يخبرني به أحد عن الوالديّة 20

واحدة من أهم النظريات التي أحدثت تطوراً في فهم السلوك الإنساني، هي نظرية الارتباط Attachment theory

يولد الطفل بجينات موروثة عديدة، بعضها يحمل صفات مقبولة وبعضها غير مقبولة..ثم يتعرض للكثير من التجارب، أهمها على الإطلاق هي علاقته بوالديه، بناء عليها تتعزز بعض الصفات وتتنحى الأخرى..

المحدد الأساسي لعلاقة الطفل بوالديه هي طريقة استجابة والديه لاحتياجاته التي يعبر عنها بالوسيلة المتاحة لديه

الوليد يعبر عن احتياجاته بالبكاء، الأطفال الأكبر سناً – حتى وإن امتلكوا القدرة اللغوية – قد يضطرون لاستخدام الصراخ والبكاء للتعبير عن احتياجاتهم..

كيف يستجيب الوالدان لهذه الفوضى؟

الاستجابة..إشعار الطفل أنك تلقيت الإشارة ومحاولتك فهمها وحلها

أو الاستجابة في أحيان وفي أحيان أخرى لا تكون ردة الفعل متفهمة

أو الإنكار المتكرر والإهمال

أو ردات الفعل العنيفة والمؤذية

هذه الأنماط الأربع للاستجابة هي ما يحدد الأنماط الأربع لنوعية العلاقة بين الطفل و والديه، ولا شك أن الصحية منها هي الأولى، وتعطينا علاقة آمنة secure attachment

ماذا نستفيد من هذا؟

علاقة الطفل بوالديه تحدد أي نوع من الأصدقاء سيكون هو، أي نوع من الأزواج سيكون كذلك..أي يحدد علاقته بالمجتمع وتفاعله مع الآخرين .

والشيء الأهم، في كثير من الأحيان تكون ردات أفعالنا ناتجة عن رواسب من طفولتنا نحن، وإعادة الطريقة التي عوملنا بها حين كنا صغاراً

أي أنها دائرة..تدور و تدور وتعيد نفسها عبر الأجيال..تنتقل العلاقة – آمنة كانت أو غير آمنة – منك إلى الجيل الذي يليك إلى الجيل الذي يليه

لذلك تسعى الكثير من مؤسسات وجمعيات الوالدية إلى تغيير طريقة تعامل الآباء مع أطفالهم، إيماناً منهم أن هذا سيغير الأجيال القادمة إلى مجتمعات أكثر تفهماً وأقل عنفاً..

الأهم من ذلك..أنه إذا كانت رواسب الطفولة لديك ما زالت تؤثر على طريقة تعاملك مع أطفالك، فلكي تبدأ فالتغيير لابد أن تتغير أنت..لابد أن تتخلص من المشاهد في خلفية دماغك التي تحركك وتقودك نحو ما أنت عليه..

وليس الوقت متأخراً أبداً

من أجل أطفالك ومن أجل البالغين الذين سيكونون عليهم .

تغير أنت أولاً